نص إحـاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن، السيد مارتن غريفيث الى مجلس الأمن 16 تشرين الثاني / نوفمبر 2018
السيد الرئيس،
كان يُشار منذ فترة طويلة إلى اليمن بأنها الحرب المنسية، أنا ممتن لأن الأمر لم يعد كذلك. فلم تحظ أزمة أخرى بذات القدر من الاهتمام الدولي والطاقة التي أعطيت لهذه الأزمة، وهذا أمر في محله. فاليمن تظل أكبر كارثة إنسانية في العالم، كما سنسمع من مارك لوكوك وديفيد بيسلي. مكافحة المجاعة لا تزال مستمرة، والنساء والأطفال والرجال يموتون من أمراض يمكن الوقاية منها، ويظل الاقتصاد على وشك الانهيار.
كل هذا يتطلب اتخاذ إجراء عاجل منا جميعا.
لقد دعا الرأي العام وقادة العالم إلى القضاء على احتمال حدوث مجاعة بأسرع وقت. وهذا مثال واضح على وجود الضمير الدولي. ولهذا السبب، أحث المجلس على دعم الطلبات الخمسة التي قدمها مارك لوكوك في هذه القاعة ذاتها في أواخر تشرين الأول / أكتوبر، حيث أنها توفر خارطة طريق واضحة للغاية يجب أن ندعمها جميعًا.
السيد الرئيس،
الصراع في اليمن مستمر، ويحتدم. وتعد الحديدة كمركز جاذبية لهذه الحرب. ولهذا السبب، نرحب بشدة بالتقارير الأخيرة حول الحد من العنف على جبهات الحديدة.
والحاجة ملحة لأن يستمر ذلك الحد من العنف.
أنا ممتن للغاية لجميع القادة، وغيرهم، ممن دعوا إلى وقف الأعمال العدائية. ويجب ألا يكون هناك أي استفزاز لإعادة اشعال تلك المعركة. كوني وسيط في هذا الصراع، أعتقد اعتقادا قويا بأن لا شيء ينبغي أن يسمح بعرقلة فرصة الحوار والتفاوض. لقد دعا هذا المجلس باستمرار جميع الأطراف إلى تجنب أي كارثة إنسانية، وقد ذكّرنا الأمين العام غوتيريس مؤخرا بمخاوفنا في هذا الصدد. لكن الوضع في الحديدة هش وغير مستقر، ونحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بشأنه. كما تذكرون، لقد أحرزنا بعض التقدم خلال الصيف للتوصل إلى اتفاق تفاوضي حول ميناء الحديدة، يقضي بدور للأمم المتحدة في الاشراف على الميناء. كما أنني أخطط لزيارة الحديدة في الأسبوع القادم مع زميلتي ليز غراندي، لإعادة طرج الدور الذي يمكن للأمم المتحدة أن تقوم به بشأن الميناء، ولفت الانتباه الى ضرورة استمرار التهدئة.
أنا متفائل بالنداءات الأخيرة من جميع الأطراف، من الحكومة اليمنية على وجه الخصوص، ومن أنصار الله، بالإضافة إلى التحالف، لكي يتسنى للأمم المتحدة المضي قدماً للقيام بدورها في هذا الوقت بشأن هذا النزاع. دعونا نبني على هذا بدلاً من أن نتراجع.
السيد الرئيس،
مع تزايد الاهتمام الدولي فقد جاء التزام متجدد من جانب الأطراف اليمنية بالعمل على إيجاد حل سياسي، وأنا هنا أرحب بإعلان الرئيس هادي حول التحرك بسرعة نحو حل سياسي. وأنا أعرف من خلال تواصلي مع صنعاء أن أنصار الله ملتزمة بذلك أيضًا. وفي هذا الإطار، أعتزم دعوة الأطراف قريباً لاستئناف المشاورات في السويد. أود ان أشكر الحكومة السويدية، من خلال ممثل السويد الموجود هنا، على عرضها استضافة المشاورات. أعتقد أننا قريبون من حل المسائل التحضيرية التي ستسمح بعقد هذا الاجتماع. أنا ممتن للتحالف لموافقته على الترتيبات اللوجيستية المقترحة، كما أنني ممتن لكل من التحالف وسلطنة عمان لموافقتهم على تسهيل الإخلاء الطبي لبعض اليمنيين المصابين من صنعاء. هذه لحظة حاسمة لليمن، لقد تلقيت تأكيدات قوية من قيادة الأطراف اليمنية، حكومة اليمن وأنصار الله، أنهم ملتزمون بحضور هذه المشاورات. أعتقد أنهم جادون وأتوقع منهم أن يستمروا على هذا المنوال، وأن يحضروا هذه المشاورات، وهذا ما يتوقعه الشعب اليمني أيضا، الذي هو في حاجة ماسة إلى حل سياسي للحرب، نلك الحرب التي يدفع الشعب اليمني ثمنا باهظا لها.
السيد الرئيس،
لقد أمضيت الشهرين الماضيين في السعي للحصول على دعم من الأطراف للحصول على نسخة محدّثة من إطار المفاوضات التي أطلعتُكم عليها في هذا المجلس في 18 يونيو، حيث أطلعتكم شفوياً على عناصر هذا الإطار. يستند الإطار إلى المرجعيات الثلاثة، قرار مجلس الأمن رقم 2216 بالإضافة إلى التقدم الذي تم احرازه في الكويت. وأكرر مرة أخرى، كما قلت في الاجتماعات السابقة لهذا المجلس، أعبر عن امتناني لحكومة الكويت لاستضافتها تلك المحادثات في عام 2016. بعد الاستماع إلى الأطراف خلال الأشهر القليلة الماضية، أنا على ثقة بأن هذا الإطار يتماشى مع متطلبات هذا المجلس، وأيضا مع مستجدات النزاع في اليمن.
هذا الإطار هو رؤيتي. لكن أفكاره ليست لي وحدي. فلقد حاولت أن يكون كل حوار جرى، وكل تفاوض سابق، اسهامات تصب كأساس لهذه الوثيقة.
لقد قمت بمشاركة هذا الإطار مع الأطراف لسماع وجهات نظرهم حوله، وآمل ان يلقى قبولاً لديهم كأساس للتفاوض، لا أن يكون التفاوض على هذا النص نفسه. فهذا هو الأمر الذي من شأنه أن يجمع الأطراف في الأسابيع والأشهر المقبلة. وعندما تتاح الفرصة للطرفين لاطلاعنا على وجهات نظرهم بشأن هذا الإطار، أود أن أضعه أمام هذا المجلس، وأن أطلب تأييدكم له، حتى نتمكن من استخدامه كأساس للمشاورات المقبلة، وكأساس للاتفاق على خارطة طريق في الجولة المقبلة من المشاورات، بما يمكننا من المضي نحو اتفاق انتقالي.
يحدد هذا الإطار المبادئ والمعايير لمفاوضات يمنية شاملة بقيادة الأمم المتحدة لإنهاء الحرب واستئناف عملية الانتقال السياسي، ويشمل مجموعة من الترتيبات الأمنية والسياسية المؤقتة، بما في ذلك الآليات والتسلسل وضمانات التنفيذ. إنها وثيقة واسعة للغاية وتهدف فقط ان تكون أساسًا لإجراء مفاوضات مفصلة. لكنني أعتقد أن الترتيبات الموضحة والمشار إليها، ستسمح بإنهاء القتال داخل اليمن، وعودة علاقات اليمن الودية مع الدول المجاورة، وعودة مؤسسات الدولة لممارسة دورها. وأعتقد أن هذا الإطار يعكس، في مضمونه وفي منطوقه، قرارات هذا المجلس، دون أي انتفاص. مهمتي هي شق الطريق للأطراف للتوصل لحل تفاوضي قائم على المبادئ، بما يتيح لشعب اليمن أن يعيش مرة أخرى في سلام. وكما قلت من قبل، يمكننا الوصول الى ذلك الحل السياسي.
السيد الرئيس،
تتمثل المهمة الرئيسية للوسيط في الجمع بين الأطراف لحل خلافاتهم من خلال الحوار والمواءمات، بدلا من القتال والصراع. هذا ما آمل أن نفعله قريباً، ونحن نمضي قدماً في مهمتنا. نحن نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق هذه الأهداف. ولكن كما قلت، في نيسان / أبريل، في هذه القاعة، يمكن لأحداث الحرب أن تعصف بخيار السلام من على الطاولة، يجب ألا ندع ذلك يحدث الآن. نحن نعمل بجد لوضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات اللوجستية لاستئناف المشاورات السياسية، وسوف أذهب إلى صنعاء الأسبوع المقبل لهذا الغرض، حيث سألتقي بزعيم أنصار الله، عبد الملك الحوثي، الذي أجريتُ معه نقاشات مفصلة في الأشهر الماضية حول الحاجة إلى المشاركة والمشاورات، ومن ثم المفاوضات. سيكون من المفيد بالنسبة لي أن أستمع مرة أخرى منه حول هذه الأمور. وسأكون سعيداً أيضاً بالسفر بنفسي، إذا لزم الأمر، مع وفدهم إلى المشاورات، إذا كان ذلك ضرورياً.
السيد الرئيس،
لكي تكون التسوية السياسية مستدامة، يجب أن تكون شاملة، وهذا ما تنص عليه القرارات المتعلقة بهذا الصراع. كما يجب أن تتمتع تلك التسوية بقبول الشعب اليمني. أنا محظوظ لأنني حصلت على دعم المجموعة الاستشارية النسوية اليمنية، التي شاركت معنا في جنيف، ليس ذلك فحسب، بل قدمت أيضا أفكارا محددة حول التكتيكات والاستراتيجيات بينما نمضي قدما نحو استئناف المشاورات.
كما أننا نعمل من أجل استخدام التكنولوجيا لتعزيز المشاركة الشاملة، عن طريق توفير منصة تفاعلية لأصوات المواطنين في اليمن، هؤلاء اللذين لن يكونوا حاضرين بينما نجمع الأطراف السياسية حول الطاولة. ففي القرن الواحد والعشرين، الحضور الشخصي ليس السبيل الوحيد لتعزيز المشاركة الشاملة.
إن القضية الجنوبية دائمًا في أذهاننا. إننا نشهد حاليا فترة من الهدوء، لكن تهديد العنف وزعزعة الاستقرار موجود أكثر من أي وقت مضى. لقد قضيت الكثير من الوقت في الاستماع إلى المجموعات الجنوبية واكتشاف السبل للتعامل مع مخاوفهم. في نهاية المطاف، يجب أن يتحقق الحل العادل للقضية الجنوبية. برأيي، يجب ان يتم ذلك خلال الفترة الانتقالية، ويجب أن تلبي التطلعات المشروعة لشعب اليمن، وأن تضمن تمتعهم بمزايا الحكم الرشيد.
من الواضح أن الأطراف الجنوبيين سيكون لهم دور حاسم في صون نتائج عملية السلام التي نعمل عليها الآن، ومن المهم جدا ان نضمن قبولهم. ومن مسؤوليتي أن أنبهكم إلى أن هناك عمل لم يتم الانتهاء منه في جنوب اليمن.
السيد الرئيس،
أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعلن لأعضاء هذا المجلس أننا على وشك إبرام اتفاق بين الطرفين بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين، قد يكون هذا هو أول اتفاق موقّع بين الطرفين في هذا الصراع. لقد حققنا تقدما كبيرا في هذه المسألة. كان الرئيس هادي أول من حثنا على التركيز على هذا الموضوع، وقد حظيت أيضا بدعم عبد المالك الحوثي عندما التقيت به لأول مرة. أرحب بالالتزام المبني على حسن النية من جميع الأطراف التي شاركت في التوصل لهذا الاتفاق؛ التحالف والحكومة اليمنية وأنصار الله. إنها لفتة إنسانية مهمة ورسالة أمل في الوقت المناسب للشعب اليمني. كنت آمل أن نعلن إتمام هذه الاتفاقية بشكل رسمي اليوم، لكنني متأكد من أن ذلك سيحدث في الأيام القادمة.
أعتقد اعتقادا راسخا أن الأطراف بحاجة إلى الاجتماع دون شروط، برعايتنا، للتصدي بشكل مشترك للحالة الاقتصادية الصعبة في اليمن، بما في ذلك التدهور السريع في الريال اليمني، الذي قد يساهم في حدوث المجاعة. من المفيد أن نشير هنا، ومن المهم أن ننوه بحهود الحكومة اليمنية في وقف انخفاض قيمة الريال اليمني، الذي كان مثيرا للقلق. التعامل مع الوضع الاقتصادي لا ينبغي أن يكون خاضعًا للحسابات سياسية، فالضحايا هم الشعب اليمني. هذه ليست تدابير لبناء الثقة، بل إنها مسؤولية أخلاقية والتزام من جانب الأطراف اليمنية. أخطط لعقد اجتماع قريبا للبنك المركزي اليمني، وسيتم تيسيره من قبل صندوق النقد الدولي، للاتفاق على خطة عمل تسمح للبنك المركزي اليمني بالقيام بمسؤولياته في جميع أنحاء البلاد ولجميع مواطني اليمن.
أخيراً، سيدي الرئيس،
يجب أن نغتنم هذا الزخم الدولي الإيجابي بشأن اليمن. إن الاهتمام باليمن هو دعم عظيم، كما أن وحدة هذا المجلس في هذا الشأن هي شيء عظيم. وأعتقد اعتقادا قويا أن هذه فرصة في لحظة حاسمة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للصراع. في الواقع، لم يعد من الممكن التعامل مع اليمن على أنها حرب منسية.
ما أود أن أطلبه منكم، سيدي الرئيس، هو أن جميع جهودنا ينبغي أن توجه نحو شيئين على الأقل. أولا؛ الأولوية الإنسانية، التي سيشير إليها كل من مارك ودافيد الأن، وهي أهم أولوية لشعب اليمن. وثانيا؛ دعونا نأمل ألا تكون هناك أعمال تمنع الأطراف من اجراء المشاورات في السويد في الأسابيع المقبلة. هذه فرصة طالما انتظرها الشعب اليمني وإنها فرصة لطالما حث هذا المجلس الطرفين عليها. أعتقد أننا وصلنا الى ما نريد تقريبا. نحن بحاجة إلى التركيز للتأكد من أن لا شيء يعطل الطريق إلى هذا الاجتماع.