كلمة المبعوث الأممي الخاص في لقائه مع الصحفيين عقب مشاورات مغلقة مع مجلس الأمن
شكرًا جزيلاً، ومساء الخير، كنت أود أن أكون معكم شخصيًا اليوم ولكن عليّ أن أبقى في المنطقة بسبب مجريات تنفيذ الهدنة.
كما تعرفون، وافَقَت أطرافُ النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين بدأت في الثاني من نيسان/أبريل من هذا العام. وفي الأسابيع الستة الماضية، شهدنا تأثير إيجابي ملحوظ على الحياة اليومية للكثير من اليمنيين. فقبل عدة أشهر، ربما ظن الكثيرين أن تحقيق هذه الخطوة هو أمر مستحيل. أود أن أهنئ الأطراف على اتخاذهم خطوة شجاعة باتفاقهم على الهدنة لإعطاء الأولوية لتخفيف معاناة اليمنيات واليمنيين.
اسمحوا لي أن أحدثكم عن تطورات تنفيذ الهدنة قبل أن أنتقل للحديث عن الخطوات المقبلة. أولاً، وهو الأمر الأكثر أهميةً، لا تزال الهدنة متماسكة عسكريًا. فعلى مدار الأسابيع الست الماضية، انخفض عدد الضحايا في صفوف المدنيين بشكل ملموس. وكذلك انخفضت وتيرة القتال إلى درجة كبيرة، فلم تُسجَّل أي هجمات جوية عابرة للحدود من اليمن ولم تكن هناك ضربات جوية مؤكدة داخل اليمن. وشهدت الجبهات في جميع أنحاء اليمن هدوءً ملحوظًا. وهناك تقارير تفيد بزيادة القدرة على الوصول إلى المساعدات الإنسانية بما شمل مواقع على الخطوط الأمامية كان من الصعب للغاية الوصول إليها قبل الهدنة. لكنَّنا ما زلنا مع ذلك، وبالرغم من الإنخفاض الكلي، نرى تقاريرًا مقلقةً بشأن استمرار القتال بما شمل أحداث أدت إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين في عدة مناطق بما فيها تعز والضالع.
ثانيًا، انطلقت رحلة تجارية جوية، هي الأولى منذ ست سنوات، من مطار صنعاء الدولي ووصلت الأردن يوم أمس. وعادت رحلة أخرى محمّلة بركاب يمنيين من عمَّان، الأردن، إلى صنعاء. وأتقدم بالشكر إلى المملكة الأردنية الهاشمية على دعمها القيّم في تيسير رِحْلَتَيْ يوم أمس، والشكر موصول للحكومة اليمنية لما أبدته من تعاون بنَّاء ولإعلائها حاجات اليمنيين. وقد حقق هذا إنفراجة للكثير من اليمنيين الذين طال انتظارهم للسفر، لتلقي العلاج للحالات الصحية الطارئة أو السعي لفرص العمل والتعليم، أو لمّ شملهم مع أحبائهم بعد سنوات من الانفصال. ونعمل الآن مع جميع المعنيين لضمان انتظام الرحلات الجوية من مطار صنعاء وإليه خلال مدة الهدنة ونسعى لبحث آليات مستدامة لإبقاء المطار مفتوحًا أمام المسافرين. وهناك رحلة ثانية من المقرر إقلاعها يوم غد.
ثالثًا، سمحت الحكومة اليمنية بدخول 11 سفينة محملة بالوقود إلى ميناء الحديدة حتى الآن. يفوق ذلك كمية الوقود التي وصلت الميناء طوال الستة أشهر التي سبقت الهدنة. وانحسرت أزمة الوقود التي كانت تهدد قدرة المدنيين على الحصول على السلع والخدمات الأساسية في صنعاء والمحافظات المحيطة بشكل كبير.
رابعًا، وبخصوص الالتزام بعقد اجتماع حول فتح الطرق في تعز ومحافظات أخرى، فقد حددت الحكومة اليمنية مسؤولين للتواصل من جهتها لحضور اجتماع ترعاه الأمم المتحدة حسب بنود الهدنة. وننوي تنظيم اجتماع في عمَّان، الأردن، في أقرب وقت ممكن فور تعيين أنصار الله لممثليهم. وهذه أولوية بالنسبة لي ولمكتبي. فكما تعلمون، لقد سبق لي أن زرت تعز في العام الماضي وشهدت بنفسي كيف يؤثر إغلاق الطرق على إطالة مدة التنقل والسفر في اليمن، ويفرق أفراد العائلات بعضهم عن بعض، ويحول ضرورات الحياة اليومية، كالذهاب إلى العمل أو إرسال الأطفال إلى المدارس أو الوصول إلى المستشفيات، إلى ضُرُوبٍ من المعاناة. ولذلك، يمثل إحراز التقدم لإنهاء هذه المعاناة جزءً أساسيًا من الهدنة.
إنَّ الوعد الذي تقدمه الهدنة للمدنيين هو وعد بقدر أكبر من الأمن وتحسين القدرة على الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية وتحسين حرية التنقل داخل اليمن ومنه وإليه. إنَّ اليمن لا يحتمل العودة إلى وضع ما قبل الهدنة من تصعيد عسكري وجمود سياسي مستمرين.
وعليه، سأستمر بالتفاعل مع الأطراف والتحاور معهم لتخطي التحديات القائمة وضمان تمديد الهدنة المقرر انتهائها بعد أسبوعين. وبهذا الخصوص، أعرب عن امتناني للدعم المستمر والقوي من قبل المجتمع الدولي في مناصرته لتنفيذ الهدنة وتمديدها. وأود أن أنوه بشكل خاص إلى االدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية.
وبينما تمثل الهدنة لحظة تاريخية بحد ذاتها، فإنها تتكون من مجموعة إجراءات مؤقتة وإستثنائية تحتاج أن تدعّم بعملية سياسية تساعد على استمراريتها. تنبع بعض التحديات المتعلقة بتنفيذ الهدنة من قضايا خلافية كانت متوقعة، ويجب معالجة هذه القضايا في سياق أوسع يتخطى الطبيعة المؤقتة للهدنة.
ولهذا السبب أواصل عملي على إطلاق عملية جامعة متعددة المسارات، لتكون بمثابة منصة تعالج من خلالها الأطراف وغيرهم من اليمنيين قضايا حرجة الأهمية من أجل التوصل إلى ترتيبات أكثر استدامة وتسوية سياسية. سيكون لدعم المنطقة والمجتمع الدولي المستمرين دور حاسم في تحقيق ذلك.
شكرًا جزيلاً يا ستيفان.
أسئلة الصحافة
سؤال؟ شكرًا سيد غروندبرغ بالنيابة عن رابطة مراسلي الأمم المتحدة، نرحب بك ونشكرك على عقد هذا اللقاء الصحفي. لدي سؤالين. أولاً، من خلال المحادثات والجهود التي بذلتها خلال الأسابيع الستة الماضية، ما تقييمك لإمكانية تمديد هذه الهدنة التي تستمر شهرين؟ وما هي أكبر عقبة ترى أنه يجب التغلب عليها لتمديد الهدنة بعد فترة الشهرين وربما لجعلها دائمة، ومثل ما قلت لإطلاق حوار سياسي أكثر شمولية؟
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: شكرًا على هذا السؤال الواضح والمهم، شكرًا. بخصوص تمديد الهدنة، وكما تعلمون، ينص الاتفاق بوضوح، وهو متاح ومنشور على الموقع الإلكتروني لمكتبي، على أن الهدنة قابلة للتجديد إذا ما رغب الأطراف بذلك. وهذا شيء أتحاور بشأنه مع الأطراف من أجل التأكد من وجود الاستعداد على الجهتين. ولا شك بأن ذلك سيتطلب تنفيذ بعض البنود، سيتطلب تنفيذ بنود اتفاق الهدنة، وهو شيء نعمل عليه أنا ومكتبي دون كلل.
الرحلات التجارية الجوية التي انطلقت من مطار صنعاء إلى عمَّان ]الأردن[ بالأمس هي من الخطوات المهمة التي كنّا ومازلنا نعمل عليها، وتمثل أمر أسعدني شخصيًا أن أراه يتحقق، وكانت ثمرة قدرة جادة على تقديم التنازلات، وتعاون جاد مع المجتمع الدولي. وأنا ممتن للغاية للدعم الذي تلقيته حتى الآن. وهناك، بالطبع، بند آخر مهم نعمل عليه وهو التحاور مع الأطراف بشأن عقد اجتماع حول فتح طرق في تعز وفي أماكن أخرى في اليمن. وأعتقد بأن ذلك سيكون من الأولويات. وأود أن أكرر أن المحادثات حول تمديد الهدنة ما زالت مستمرة مع الأطراف، وجارية بينما نتحدث هنا.
سؤال: سؤال سريع للتعقيب، هل لديك أي تقييم تشاركنا به حول مدى تقدم هذه المحادثات؟
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: شكرًا للسؤال التعقيببي هذا. حول هذا الموضوع، أستطيع أن أقول إن الأطراف تفهم بشكل واضح المنافع التي تمثلها الهدنة لليمنيين، وهو أمر مهم للغاية. وأعتقد أنه بعد سبع سنوات تقريبًا من الحرب، تتطلب الثقة بين الأطراف عملاً جادًا، وانخراطًا جادًا معي، ومشاركة في تلك النقاشات الجارية التي أشرت إليها. هذا الأمر هو أساس أي احتمال لتجديد الهدنة. من الناحية الإيجابية، رأينا على العموم أن الهدنة قد نُفِّذَت في كثير من عناصر بنودها، وخاصة على الصعيد العسكري، ونرى أنها قد جلبت منافع حقيقية لليمنيين، وأرى من خلال النقاشات المستمرة معهم الآن أنَّ الأطراف تدرك ذلك. وأنا أعمل معهم الآن على هذا الأمر ]تجديد الهدنة[، لكنني لا أستطيع أن أتحدث أكثر في الإجابة على هذا السؤال.
سؤال: لدي سؤال تعقيبي سريع، قلت إنَّ معظم بنود الهدنة قد نُفِّذَت، فما البنود التي لم تُنَفَّذ بعد، وهل هناك أي عوائق تواجهها بشأن تجديد الهدنة؟ سؤالي الثاني يتعلق بالقتال، قلت هناك أجزاء مختلفة في اليمن ما زال القتال مستمرًا فيها. هل يمكنك أن تخبرنا أكثر حول ذلك؟ هل هناك أي آفاق لإنهاء القتال؟ كيف تسير أمور المحادثات؟ شكرًا.
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: فيما يخص موضوع التنفيذ العام لجميع جوانب الهدنة، نحن الآن نتحاور مع الأطراف من أجل التفاوض وعقد اجتماع بين الأطراف لمناقشة مسألة فتح طرق في تعز وما حولها وفي أماكن أخرى في اليمن. وأعتقد أن ذلك ضروري. لكننا حصلنا على ردود إيجابية من الأطراف للمضي قدمًا نحو ذلك. وأتطلع إلى استمرار هذه النقاشات من أجل التأكد من عقد الاجتماع. وعند الحديث عن تجديد الهدنة، لا أعتقد أن هناك ما يمنع الأطراف من تجديد الهدنة أيًا كان السبب. واعتقد أنَّه من المهم جدًا أن يفهم الجميع ذلك. هذا شيء سوف أستمر بالتحاور بشأنه مع الأطراف. وبالنظر لمستوى المسؤولية التي رأيناها من حيث تقديم بعض التنازلات واتخاذ قرارات صعبة للوصول إلى هذه النقطة المتقدمة، آمل بأن نتقدم تجاه تمديد الهدنة، وهو ما نعتمد عليه في النقاشات التي أعمل عليها أنا ومكتبي مع الأطراف حاليًا.
تصلنا من الأطراف تقاريرًا تزعم وقوع خروقات للهدنة يوميًا. وبما أنه ليس لدينا آلية مراقبة مستقلة للهدنة، تنحصر جهودي وجهود مكتبي في بذل الوساطة وخفض التصعيد مع الأطراف في هذا الخصوص. والعامل المهم هنا هو التحاور على جناح السرعة مع الأطراف في حالة رؤيتنا لأي شيء يمثل مصدرًا للقلق وذلك من أجل التأكد من خفض التصعيد والحيلولة دون تكراره. وهذا عمل مستمر نعمل عليه على مدار الأسابيع الستة الماضية وسنستمر في عمل ذلك. تشغلني وتقلقني التقارير التي تفيد بسقوط الضحايا المدنيين في تعز والضالع كما ذكرت في كلمتي الافتتاحية. لكننا نعمل ليس فقط من أجل إنشاء وتعزيز قناة للاتصال معنا، بل لتأسيس مثل هذه القناة بين الأطراف أيضًا بهذا الخصوص. وسيكون ذلك عاملاً مهمًا في المستقبل إذا تحقق تجديد.
سؤال: ما تقييمك لعمل المجلس الرئاسي الذي أسسه الرئيس عبد ربه منصور هادي؟ هل ما زال الرئيس منصور هادي له دور يؤديه؟ هل هناك اتصال بينك وبينه؟ ما تقييمك لتعاون المجلس الانتقالي الجنوبي معك؟ هل هم يتعاونون معك في تنفيذ وقف إطلاق النار؟ وماذا يمكنك أن تقول حول أزمة خزان صافر العائم؟ وأين وصلت إليه الأمور؟
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: فيما يخص مجلس القيادة الرئاسي، فكما يعرف بعضكم، زرت عدن والتقيت بأعضاء من مجلس القيادة الرئاسي خلال زيارتي الأخيرة إلى كل من عدن والرياض. وكنت على تواصل معهم لتنفيذ وتعزيز وتجديد الهدنة. وهنا أريد أن أعبر عن شكري لرئيس المجلس الدكتور رشاد العليمي على تعاونه الممتاز معنا، وعلى تعاون الحكومة اليمنية على نطاقها الأوسع. وقد أثمر هذا التعاون بالنسبة للهدنة التي استفاد منها اليمنيون. بهذا الشأن، ما زلت مستمرًا في التحاور مع مجلس القيادة الرئاسي وأنصار الله وغيرهم من اليمنيين حول الخطوات القادمة للوصول إلى تسوية مستدامة وسلمية للنزاع عن طريق التفاوض. وهذا الشيء سنستمر في العمل عليه خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
فيما يخص السؤال حول صافر، لم أسمع سؤالك بالكامل.
سؤال: حول المجلس الانتقالي الجنوبي.
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: حتى في عملي السابق كانت وما زالت علاقتي مع المجلس الانتقالي الجنوبي علاقة طيبة، خاصة مع عيدروس الزبيدي، الذي حاورته بشكل منتظم. ويسعدني أن أرى عيدروس الزبيدي جزءً من مجلس القيادة الرئاسي وعنصرًا مهمًا من هذا المجلس.
فيما يخص خزان صافر، لا شك بأننا قلقون جدًا بشأن إمكانية حدوث تسرب كبير للنفط من الخزان أو تعرضه لأي حادثة كارثية أخرى. وتعمل الأمم المتحدة على تأمين الموارد اللازمة لاستبدال الخزان ونقل النفط إلى سفينة آمنة، ويقود هذا العمل المنسق المقيم ديفيد غريسلي بتعاون مشكور مع دولة هولندا. وقد تم جمع قرابة 40 مليون دولار أمريكي حتى الآن من أجل تنفيذ خطة الأمم المتحدة التي يدعمها أطراف النزاع في اليمن وغيرهم من المعنيين. وتضم هذه الخطة مسارين أولاهما استبدال السفينة خلال 18 شهرًا، وأربعة أشهر لعملية الطوارئ من أجل نقل النفط من الخزان المتهالك إلى سفينة أخرى. ونأمل أن يمنع الحل السريع لهذه المشكلة من وقوع أي كارثة بيئية واقتصادية، وأضم صوتي إلى صوت الأمين العام والزملاء في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في حث شركاء اليمن جميعًا على توفير التمويل الكامل لعملية الطوارئ التي تقودها الأمم المتحدة لكي نبدأ مباشرة.
سؤال: سؤالي هو متابعة حول خزان صافر العائم. جمعت الأمم المتحدة 40 مليون دولار، هذا هو ما تم إبلاغنا به، وأنت تعبر لنا عن القلق الشديد حول كون الأمر عاجل، كما وصفت الأمم المتحدة الموضوع قبلاً بأنه قنبلة موقوتة. سؤالي هو، بما أنكم أمنتم 40 مليون دولار بالفعل، لم عليكم الانتظار قبل إفراغ الخزان؟ شكرًا.
المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ: من الواضح، أكرر، أن تلك القضية لا يديرها مكتب المبعوث الأممي الخاص. بل يقودها المنسق المقيم، وأنا أتحدث في هذا الشأن تحت قيادته. وفهمي هو أن التكلفة الكليّة لنقل النفط تصل إلى 144 مليون دولار، إذا كانت معلوماتي صحيحة. وهذا هو المبلغ المطلوب لعملية الطوارئ. والوضع المثالي هو أن تبدأ العملية في النصف الثاني من هذا الشهر. ولهذا أعتقد أنه من الضروري أن نرى مزيدًا من التمويل حول ذلك.