إحـاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن الى مجلس الأمن
السيد الرئيس،
لقد توليت مهمتي بصفتي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمـــن في 11 آذار/مارس؛ تبوأت هذا المنصب مع امتناني للسيد الأمين العام للأمم المتحدة على ثقته، وشعرت بالامتياز لأن الفرصة قد أُتيحت لي للقيام بشيء لركون هذه المأساة الكبرى إلى نهاية متأخرة. يقترن هذا الامتياز، هذا ما آمله، بالتواضع الواجب في مواجهة التعقيد والتحدي المُلح.
إن تقريري الذي أقدمه لكم اليوم، سيدي الرئيس، هو تقريرٌ أولي. سأقول لكم ما أعرفه، وما أخشاه ايضـــاً. وسوف أحاول أيضاً تحديد بشائر الأمل. وان خطتي هي أن أعرض على هذا المجلس خلال الشهرين القادمين إطار عمل لإجراء المفاوضات.
السيد الرئيس،
لقد توصلت إلى هذا الاستنتاج العام عبر الاستماع إلى قادة الأحزاب. ولقد أكدت لهم أن ما يريده الأمين العام للأمم المتحدة وما يطلبه هذا المجلس هو ذات ما يريده كل اليمنيين: اليمن المستقر والآمن مع حكومة مسؤولة أمام مواطنيها.
وأنني ممتن للرئيس هـــــــــــادي على وقتهِ وصبرهِ واستعدادهِ لوضع هموم شعبه في الصدارة. فحكومتهِ لم تدخر جهداً لضمان فهمي لمواقفها واحتياجاتها واستعدادها للانخراط. أنني أعــول على دعمهم، وهو أمرٌ ضروري لنجاح هذه الجهود.
لقد شجعني لقائي مع قيادة حركة أنصار الله في صنعاء. لقد أكد لي أن حركته تريد إنهاء هذه الحرب وأنها سوف تتعاون مع الأمم المتحدة لتحقيق ذلك. ولقد تكررت هذه الرسالة على مسامعي في العديد من اللقاءات الأخرى التي كانت لي ميزة اجرائها مع كبار قادة أنصار الله. وهذا الموقف البنّاء يشجعني كثيراً.
كما أنني سمعت لوجهات نظرٍ مماثلة من قادة تشكيلة واسعة استثنائية من الأحزاب السياسية اليمنية. وأنا ممتن لهم أيضا.
وإنني لم أزرْ الجنوب بعد، لكنني بدأت ألتقي بالمجموعات الجنوبية. كما تعلمون، لقد أحدث الصراع تغييرات رئيسية على الأرض في المحافظات الجنوبية، وجعل إحباطات وتطلعات الجنوبيين الطويلة الأمد أكثر وضوحاً. فلن يكون هناك سلام في اليمن إذا لم نستمع أيضا إلى أصوات الجنوب ونتأكد من تضمينها في الترتيبات السياسية التي تنهي الحرب.
السيد الرئيس،
ليس من المستغرب أن وقف الحرب ليس على نفس القدر من بناء السلام. وعليه فمن البديهي في اليمن، ان يتعين علينا في المقام الأول تحويل طاقاتنا صوب العمل لوقف هذه الحرب. فالأطراف الضرورية لهذه المهمة المحددة هي التي يمكن أن تُسهم قراراتِها في إنهاء هذه الحرب. لقد كنت متسقاً في إيصال الرسالة عينها إليها. إن التوصل إلى تسوية سياسية عن طريق الحوار الشامل بين اليمنيين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع اليمني ومعالجة الأزمة الإنسانية القائمة. ولهذه الغاية، يتعيّن على جميع أطراف الصراع التخلي عن الشروط المسبقة لإجراء المحادثات ومنح مكتبي إمكانية الوصول دون قيود ودون شروط إلى جميع أصحاب الشأن المعنيين، كما أكد هذا المجلس في بيان رئاسي في وقت سابق من هذا العام.
إن بناء السلام سيكون مهمة أكبر، تستند إلى سوابق مختلفة ومشاركةٍ أوسع. وسيكون الحوار الوطني، بسجله ذي الشمولية والمشاركة المدنية مبعث الإعجاب، سابقةً حاسمة. وسيكون هذا جدول أعمال الانتقال، ليشمل: المصالحة، وهو ما يتطلّب اهتماماً كبيراً من جانبنا بعد نهاية الصراع؛ والمراجعة الدستورية، وإعادة الإعمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة. هذا ما يتعلق بتحويل الدولة. يستدعي تحقيق هذا العمل مشاركة كاملة من المجتمع المدني لضمان أن تتجاوز هذه العملية جانب السياسة وتعكس تطلعات جميع اليمنيين.
السيد الرئيس،
لقد قلت إن هناك أخبارٌ جيدة وأخرى سيئة. هناك قول مأثور بأن أحلك ساعات الليل سوادًا هي التي تسبق الفجر. دعونا نأمُل أن يكون هذا هو الحال. لن يكون الخبر اليكم أن الحرب، أدنى ما يقال عنها، انها أضحت أكثر ضراوةً وأكثر إلحاحاً إبــان الأسابيع القليلة الماضية.
إن العدد المتزايد للصواريخ الباليستية التي تم إطلاقها باتجاه المملكة العربية السعودية والعمليات العسكرية المكثفة في محافظة صعدة هي من أبرز التطورات وأكثرها ضرراً. كما استمرت المواجهات العسكرية والضربات الجوية في العديد من المناطق الأخرى في اليمن، بما في ذلك محافظات صنعاء وتعْز والجوف ومأرب والحُديدة وحجة والبيضاء ولحْج.
تستمر الاشتباكات من دون تغييرات كبيرة على الخطوط الأمامية، ولكن مع ورود تقارير مزعجة تفيد بسقوط ضحايا بين صفوف المدنيين، نستمع ايضــاً الى تقارير غير مؤكدة تُفيد بأن حركات القوات في اليمن آخذة في التزايد وأن الآفاق الرهيبة للعمليات العسكرية المكثفة في الحُديدة، التي لــُوح عنها منذ فترة طويلة، قد تكون وشيكة.
قلقنا يكمن في ان أيٌ من هذه التطورات قد تفضي الى أخذ السلام بعيداً عن الطاولة. أنني مقتنع بأن هناك خطرا حقيقيا جراء ذلك. نحن جميعاً بحاجة عاجلة وبنحوٍ ابداعي لإيجاد سُبلٍ لتقليل فرص الأحداث التي قد تغيّر قواعد المسار وتحيدها وتزعج الآمال الحقيقية للأغلبية العظمى من اليمنيين.
السيد الرئيس،
إن الشعب اليمني في أمسّ الحاجة إلى بوادر أملٍ بأن هذه الحرب سوف تنتهي قريباً. فإلى جانب الحاجة العاجلة إلى الوصول غير المحدود إلى المساعدات الإنسانية، التي سيتناولها دون شك مارك لوكوك بعد قليل، هناك إجراءات أخرى قد توفر بعض الأمل. نحن نعمل، على سبيل المثال، وبتشجيع من القادة السياسيين من جميع الأطراف، على فتح مطار صنعاء مرة أخرى امام الحركة الجوية وحق اليمنيين في السفر والالتحاق بأسرهم. ونحن حريصون ايضــاً على ترتيب إطلاق سراح السجناء. لقد قال لي الجانبان إنهما يرغبان في رؤية السجناء يُطلق سراحهم. لقد شجعني ذلك، وسوف نعمل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك. وسوف أطلعكم بأي تقدّم يُحرَز في هذا المجال. كما أننا قلقون للغاية بشأن الاعتقالات على جميع الأطراف. نحن نعلم من التجربة أن الاحتجاز التعسفي والواسع النطاق للمدنيين في الصراع المُسلح يعتبر إساءة مروعة وإنما أيضاً عائق أساسي للركون الى مجتمع مستقر.
هذه هي القضايا المهمة. والأهم من ذلك هو العمل البطولي الذي تقوم به الوكالات الإنسانية في اليمن بقيادة مارك لوكوك وصديقتي العزيزة وزميلتي السيدة ليز غراندي.
السيد الرئيس،
إن السادة أعضاء هذا المجلس يعلمون بنحوٍ أفضل مني مدى الأهمية الاستراتيجية للاستقرار في اليمن. وهذا شأنٌ ذو أهمية قصوى لشعب اليمن ولجيرانه وللمجتمع الدولي على نطاق أوسع. فلا يمكن تحقيق ذلك دون ضمان استقرار اليمن، حيث يُمحق أخيراً النشاط الإرهابي وحيث يمكن وقتها الاعتماد على سلامة ممراته البحرية. يتطلب تحقيق ذلك تضافرًا فعالًا بين الوساطة وهذا دوري، والدبلوماسية وهو دوركم.
فالوساطةِ من دون وجود دعمٍ دبلوماسي يسندها تؤول الى الإخفاق. سوف نعمل كل ما في وسعنا بغية إيجاد اتفاقيات فعالة بين اليمنيين. ولكن بالنسبة لأعضاء هذا المجلس وغيرهم من الدول الأعضاء، يتعين بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالأُخْرَى، ان يضعوا قوة الرأي الدولي ظهيراً لهذه الاتفاقات. وحدتكم وعزمكم سيكونان الحاسمين.
شكـــراً.