التقرير العام الثاني عن سلسلة الحوارات السياسية والتي انعقدت في عمان من 24 أكتوبر إلى 19 ديسمبر 2024 لدعم جهود السلام في اليمن.

9 فبراير 2025

التقرير العام الثاني عن سلسلة الحوارات السياسية والتي انعقدت في عمان من 24 أكتوبر إلى 19 ديسمبر 2024 لدعم جهود السلام في اليمن.

اختتم مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن في 19 ديسمبر 2024 جولة أخرى من الحوارات السياسية في عمّان، الأردن، كجزء في إطار جهوده المستمرة لتعزيز عملية سلام شاملة ومستدامة في اليمن. جمعت هذه الحوارات - والتي انعقدت في الفترة من 24 أكتوبر إلى 19 ديسمبر 2024 - ممثلون عن الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية الرئيسية، مع ضمان تمثيل المرأة، بما في ذلك المؤتمر الشعبي العام، حزب الإصلاح، المجلس الانتقالي الجنوبي، مؤتمر حضرموت الجامع، والحراك التهامي السلمي، المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، كتلة التغيير، حزب التجمع الوحدوي اليمني، حزب جبهة التحرير، حزب البعث العربي الاشتراكي القومي، حزب التضامن اليمني، رابطة الجنوب العربي الحر، الحزب الجمهوري، حزب العدالة والبناء، حزب السلام والتنمية، حزب اتحاد القوى الشعبية، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الشعب الديمقراطي ، إضافةً إلى منسقية القوى الجنوبية المشاركة في مشاورات الرياض، والكيانات الأعضاء فيها من المجلس الأعلى للحراك الثوري الجنوبي، والحراك المشارك، وحركة النهضة للتغيير السلمي، والائتلاف الوطني الجنوبي. ، وغيرها من الكيانات الرئيسية.

عُقدت الجولة الأولى في الفترة من 2 إلى 23 أكتوبر 2024، والمزيد من المعلومات متوفرة هنا.

الأولويات المشتركة لبناء الثقة وتعزيز السلام

كان العامل المشترك في المناقشات هو الإقرار بضرورة وجود عملية جامعة بقيادة يمنية ، تضع احتياجات السكان في صميمها، وتضع الأساس للمصالحة والتعافي. كذلك شدد المشاركون باستمرار على الحاجة الملحة لمعالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية الفورية، بما في ذلك دفع رواتب موظفي الدولة، وإعادة فتح الطرق الرئيسية، وضمان الوصول العادل إلى الموارد الأساسية. واعتُبرت هذه القضايا تدابير أساسية لبناء الثقة، تمهيداً لاتفاقات سياسية أوسع نطاقا.

برزت قضية الأسرى المرتبطين بالنزاع كإحدى القضايا الأكثر إلحاحاً خلال الحوارات. وأكد المشاركون على التأثير الإنساني العميق لهذه الاحتجازات، مسلطين الضوء على معاناة العائلات التي لا تزال تنتظر لمّ شملها مع أقاربها المحتجزين. وبرغم عقد العديد من جولات الاجتماعات بين الأطراف بشأن تبادل الأسرى، إلا أن النتائج ظلت محدودة، مما ترك العديد من العائلات في حالة من عدم اليقين حول مصير احباءهم لفترات طويلة. وأشار المشاركون إلى أن حل هذه القضية ليس مجرد ضرورة إنسانية ملحّة، بل هي خطوة حاسمة أيضاً لبناء الثقة ودفع عملية السلام إلى الأمام.

وبالإضافة إلى الأسرى المرتبطين بالنزاع، أعرب المشاركون عن قلق خاص إزاء سلامة العديد من أعضاء منظمات المجتمع المدني والصحفيين والنشطاء المحتجزين تعسفياً من قبل أنصار الله. وأكدوا على ضرورة تكثيف الضغط الدولي من أجل تأمين الإفراج عن هؤلاء المحتجزين في أسرع وقت ممكن.

كان التعافي الاقتصادي أحد المحاور التي تكرّر تناولها خلال المناقشات، حيث شدد المشاركون على الحاجة الملحّة لإحياء صادرات النفط والغاز، وضمان شفافية إدارة الإيرادات، ومعالجة التحديات الرئيسية في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والوصول إلى المياه النظيفة. كان هناك إجماع واسع على الحاجة إلى سياسات اقتصادية مبتكرة وشاملة لمعالجة هذه القضايا الملحّة، بما في ذلك تمكين السلطات المحلية لتلبية الاحتياجات العاجلة. ومع ذلك، برزت وجهات نظر مختلفة حول الآليات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، مما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والإقليمي المتنوع في اليمن.

اتفق المشاركون على أن التعافي الاقتصادي واستعادة الخدمات العامة يجب أن يتقدما جنباً إلى جنب مع المفاوضات السياسية. وقد اعتُبر تحقيق فوائد ملموسة للتخفيف من المصاعب اليومية التي يواجهها اليمنيون أمرًا بالغ الأهمية - ليس فقط لحشد الدعم الشعبي ولكن أيضًا لبناء الثقة بين الأطراف، وتوفير أساس أقوى للسلام الدائم.

كما أثيرت مخاوف بشأن تسييس المؤسسات الاقتصادية، حيث شدد المشاركون على أهمية حماية الاقتصاد اليمني واستخدامه كسلاح في النزاع. وسلطت المناقشات الضوء على تأثير البنوك المركزية المزدوجة في عدن وصنعاء على تفكك الاقتصاد اليمني، فضلاً عن الحاجة إلى جوازات سفر موحدة. كما تم توجيه دعوات لاتخاذ تدابير إنسانية عاجلة، مثل استئناف دفع الرواتب العامة، وضمان الوصول العادل إلى المطارات، بما في ذلك مطار الريان ومطار صنعاء

التحديات الأمنية ودور الجماعات المسلحة

كانت التحديات الأمنية، بما في ذلك انتشار الجماعات المسلحة والتدخل الإقليمي في النزاع، محوراً رئيسياً في المناقشات. شدد العديد من المشاركين على الحاجة إلى ضمانات دولية وإقليمية قوية لضمان تنفيذ الاتفاقات القائمة ومنع المزيد من التصعيد. كما تم التأكيد على أهمية التوصل إلى وقفٍ إطلاق نار شامل ومستدام كشرط أساسي لأي حل دائم.

أكد غالبية المشاركين على ضرورة المضي قُدماً في تعزيز

 مسارات نزع السلاح ودمج الهياكل العسكرية ضمن إطارٍ يهدف إلى ترسيخ الشمولية والاستقرار. كما شددوا على أهمية الترتيبات الأمنية التي تعطي الأولوية لحماية المدنيين وتأخذ في الاعتبار التنوع الإقليمي لليمن. ومع ذلك، ظهرت تباينات في وجهات النظر حول تفاصيل هذا الإطار وارتباطه بالهيكل المستقبلي للدولة. أعربت بعض الأطراف عن تحفظاتها، داعيةً إلى اتباع نهجٍ بديل لضمان التمثيل العادل والتوازن داخل المؤسسات العسكرية.

علاوةً على ذلك، حذر المشاركون من أن التركيز المفرط على الجماعات المسلحة قد يهدد بإدامة السردية التي تخلط بين الشرعية السياسية وامتلاك قوة عسكرية. وأكدوا أن هذا النهج يقوّض جهود بناء الثقة ويعزل شرائح رئيسية من المجتمع اليمني. كما سلطت الحوارات الضوء على أن العديد من الفئات غير الممثلة - التي عانت بشدة من تداعيات النزاع - تطرح رؤى وحلولاً قائمة على الحقائق المحلية وصمود المجتمعات.

وجهات نظر متباينة ومجالات الخلاف

إلى جانب نقاط التوافق، أظهرت الحوارات الجارية - المصممة كجلسات عصف ذهني لاستيعاب مجموعة واسعة لوجهات النظر المختلفة حول مستقبل اليمن - مدى تعقيدات وتعارض المواقف المتأثرة بالعوامل السياسية والاجتماعية والإقليمية في البلاد.

وخلالها برزت القضية الجنوبية كإحدى القضايا الحساسة ومتعددة الأوجه. واتفق المشاركون على الحاجة إلى إطار مخصصٍ لمعالجة المظالم الجنوبية، مع ضمان تمثيل يعكس خصوصية تاريخ الجنوب وتطلعاته. دعا البعض إلى توحيد الصوت الجنوبي ليكون أكثر تأثيراً في عملية السلام، مؤكدين على أهمية تفادي التمثيل المجزّأ. في المقابل، ركز آخرون على ضرورة معالجة التحديات الاقتصادية والحكومية في المناطق الجنوبية كوسيلة لتعزيز الاستقرار وبناء الثقة.

وأثارت إدارة الموارد وتقاسم الإيرادات آراءً متباينة؛ ففي حين أكد كثيرون على ضرورة التوزيع العادل للموارد لتعزيز التنمية ومعالجة التفاوتات الإقليمية، دعا آخرون إلى منح مناطق محددة مزيداً من الاستقلالية في إدارة مواردها، معتبرين أن الإدارة المحلية قد تكون أكثر كفاءة في تلبية احتياجات تلك المناطق. في المقابل، أعرب البعض عن مخاوفهم من أن يؤدي منح بعض المناطق سيطرةً أكبر على الموارد إلى تَجَزٌء الوحدة الوطنية.

كانت إصلاحات القطاع العسكري من أكثر القضايا إثارةً للنقاش. فقد تباينت الآراء بشأن كيفية ترتيب الأولويات بين الإجراءات العسكرية والسياسية لضمان بناء سلامٍ دائم. رأى البعض أن توحيد القوات المسلحة اليمنية يجب أن يكون الأساس الذي يُبنى عليه التقدم السياسي، بينما شدد آخرون على أن التوصل إلى اتفاقات سياسية يجب أن يسبق أي إعادة هيكلة أمنية واسعة النطاق. كما تداولت النقاشات العلاقة بين المسارين السياسي والعسكري، حيث كان هناك تباينٌ في الآراء حول دور الجهات الفاعلة الإقليمية وتأثيرها على تشكيل المشهد الأمني في اليمن وبرز جدلٌ حول تأثيرهم على توازن القوى داخل البلاد. وأبرز النقاش التوترات القائمة مابين ضرورة تحقيق المساءلة وما بين تعزيز الشمولية في إطار الوصول لحل مستدام، لا سيما فيما يخص مدى قدرة الترتيبات العسكرية التي وضعها أصحاب القوى الحالية على تحقيق العدالة والتمثيل العادل.

وعلى نحو مماثل ، في حين حظي مفهوم التوصل إلى خارطة طريق للسلام بدعم عام، أعرب المشاركون عن توقعات متباينة بشأن نطاقها وتنفيذها .شدد البعض على أهمية البناء على الاتفاقات السابقة، مثل اتفاق الكويت واتفاق ستوكهولم، لضمان الاستمرارية، في حين دعا آخرون إلى تبنّي مقارباتٍ مبتكرة تعكس بشكل أفضل الديناميكيات الحالية والدروس المستفادة من الجهود السابقة.

عكست هذه المواقف المتباينة تعقيدات التحديات التي تواجه اليمن، و القضايا المتجذرة بعمق في السياق اليمني. ومع ذلك، أكدت الحوارات على أهمية استمرار النقاشات الشاملة كمنصة أساسية لتجاوز الخلافات وردم الفجوات، ووضع مسار مشترك نحو تحقيق السلام.

المضي قدماً

دعا المشاركون إلى وضع إطارٍ سياسي يعترف بآراء الحركات السياسية غير المسلحة، وهياكل الحكم المحلي، وممثلي المجتمعات المحلية الذين لهم تاريخ طويل في العمل من أجل تنمية اليمن واستقراره. وأكدوا أن تهميش هذه الأطراف والتركيز فقط على التفاوض مع الجهات المسيطرة على الأرض حالياً يُضعف الشرعية الأوسع لأي تسويةٍ محتملة.

ومع استمرار حوارات العصف الذهني هذه ، سيعمل مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن على دمج الرؤى المطروحة في في جهود الوساطة الجارية والدعوة إلى عملية سلام شاملة ومستدامة. وأكد المكتب أن التقدم يتطلب الوحدة والشمول والالتزام بمعالجة مظالم وتطلعات اليمنيين.

يعرب مكتب المبعوث الخاص عن بالغ شكره للمملكة الأردنية الهاشمية على دعمها المستمر واستضافتها لهذه النقاشات المهمة، التي تمثل خطوة جوهرية نحو عملية سياسية يقودها اليمنيون.