إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن أمام مجلس الأمن (كما تليت)

11 نوفمبر 2020

إحاطة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن أمام مجلس الأمن (كما تليت)

11 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

 

شكرا السيدة الرئيسة،

شكراً على هذه الفرصة لإحاطة المجلس بآخر المستجدات.

يعلم أعضاء المجلس علم اليقين أنَّني أقوم بجهود الوساطة حول نص الإعلان المشترك منذ أشهر، تخللها نقاشات عقدتها  عن بعد إضافة إلى ما أمكن عملياً من جولات مكوكية بين الطرفين. ولقد كانت العملية مضنية إذ واجَهَتْ كثيراً من التحديات على طول الطريق، وقد استمر الطرفان بالانخراط في العملية، وأشكرهما على ذلك، وهنا، أجدد شكري لهذا المجلس على دعمه الدؤوب الثابت للتوصّل بشكل عاجل  إلى اتفاق حول الإعلان المشترك، الذي تجسّد مؤخراً في بيانكم الصحافي في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر.

 

السيدة الرئيسة،

هناك مبدأ غالباً ما يتكرّر ذكره في سياق النِّزاعات في كل أنحاء العالم ذلك أنَّه على أطراف النِّزاع أن يكونوا هم أصحاب الحل إن أرادوا حلاً قابلاً للتطبيق وإن أرادوا سلاماً مستداماً. وليس اليمن استثناءً من تلك القاعدة. فالنِّزاع قائم بين الطرفين اليمنيين، ووحدها الالتزامات الجادة والمدروسة لقادة الطرفين قادرة على إنهاء هذا النِّزاع. وقد حان الوقت للطرفين لاتخاذ القرارات النهائية المطلوبة لكي تؤتي مفاوضات الإعلان المشترك ثمارها.

لقد دأبت على الانتقال بين الطرفين على مدار أسابيع عدة لكي نَفْرُغَ من مسألة الإعلان المشترك. وكانت التحديات ذاتها تتكرّر، لاسيما تلك المتعلّقة بالتدابير الاقتصادية والإنسانية وهو كما تعلمون البند الثاني من هذا الاتفاق. وقد عملت مع الطرفين من أجل إيجاد الحلول، لكنّني في نهاية المطاف، اودّ أن أقول اني لست إلا الوسيط لا المفاوض،  فالأطراف تتفاوض فيما بينها وليس معي.

لقد اعجبني مثال الاجتماع الذي عُقِدَ مؤخراً في سويسرا حول إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين. ففي تلك الحالة، اتخذنا جميع إجراءات الوقاية الواجبة التي فرضتها تدابير مواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد)، وتمكَّنَّا من جمع الطرفين في اجتماع نجح في نتيجته التي أحيَت الأمل في نفوس كثير من اليمنيين، وآمل فعلاً أن أتـمكّن من جمع الطرفين مجدداً للمزيد من الاجتماعات لهذا الغرض. وبِتُّ أكثر اقتناعاً بأنَّ ذلك ما نحتاج إليه في الإعلان المشترك، ألا وهو إتاحة الفرصة أمام الطرفين لكي يشرح كل منهما للآخر مواقفه بهدف التوصّل معاً نحو التنازلات المطلوبة. وسوف أناقش ذلك وغيره من خيارات مع الطرفين  قريباً.

وما من شك في أنَّ القضايا التي يكتنفها الإعلان المشترك أكثر تحدياً ومحورية في سياسات هذا النِّزاع وفي الوضع في الميدان. ولا يمكن التقليل من أهمية ذلك أبداً. لكنَّ الطرفين يعرفان هذه القضايا حق المعرفة التي ناقشناها عدة مرات. وأعتقد أنَّهما قادران بالعزم والتصميم على التوافق على مسار نحو الحل والاتفاق على هذا الاعلان المشترك.

 

السيدة الرئيسة،

منذ إحاطتي السابقة، لم تكن وتيرة العنف على الخطوط الأمامية بالشدة ذاتها مقارنة بالأشهر السابقة. وذلك أمر إيجابي لكنَّه ليس بحد ذاته مصدراً عظيماً للاطمئنان، إذ ما زالت المخاوف تساورني من تصاعد موجات العنف من حين لآخر بين الطرفين في مأرب وتعز وتصاعد الهجمات مؤخراً على الأراضي السعودية، التي نتفق جميعاً على ضرورة وقفها فوراً. وآمل ألّا تُنذِر هذه الموجات بالعودة إلى العنف الواسع الانتشار الذي شهدناه في وقت سابق من هذا العام. فقد شهدت كثيراً من المواقع أحداث إطلاق للنار وقصف اعلم أنّ مارك سيذكرها، قصف دمَّر البيوت والمدارس والمستشفيات ودور العبادة. ومجدداً، أدعو الطرفين إلى التمسّك بالالتزامات التي يفرضها عليهم القانون الدولي بحماية أرواح المدنيين والبنى التحتية المدنية.

لقد أطلعني زميلي الجنرال غوها أنَّ الوضع في الحُدَيدَة أصبح أكثر هدوءاً منذ لقائنا الأخير لكنَّ التوتر ما زال قائماً بين الطرفين ووصلتنا أخبار أنه قد يتصاعد. وما زالت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) مستمرة في بذل جهودها لإعادة تفعيل لجنة إعادة الانتشار والتنسيق التي ناقشناها في لقائنا السابق، وغيرها من الآليات المشتركة لتعزيز التعاون بين الطرفين وهناك تقدم قدأحرز في هذا المجال.

وعلى العموم، لا بدّ لي من التأكيد بأنَّه لا خيار أفضل من وقف إطلاق النار المصحوب بالعودة إلى العملية السياسية لكي يعيد الطرفان الاستقرار إلى الخطوط الأمامية. وهذا ما يمكنهم أن يجلبوه للشعب اليمني من خلال الإعلان المشترك.

 

السيدة الرئيسة،

انتقل الآن إلى الحديث عن قضية الخزَّان العائم صافر الشائكة التي سيذكرها مارك التي تأخّر حلها أكثر من اللازم، إذ تسير النقاشات مع أنصار الله بوتيرة أبطأ مما تتطلبه مسألة بهذا الحجم وبهذا القدر من الإلحاح. وقد حاولت الأمم المتحدة  طوال أشهر، التفاوض على وصول بعثة الخبراء لتقييم وضع السفينة واجراء إصلاحات أولية وصياغة التوصيات حول ما يهو ضروري لتجنّب حدوث أي انسكاب نفطي من السفينة. ومع أنَّ المحادثات كانت بنَّاءَة، لاسيما مؤخراً، لكننا لم نتلقَّ بعد الموافقات المطلوبة لتتحرّك البعثة. ونظراً لجسامة الخطر الذي يمثل أمام الخزَّان، تتعاظم أهمية أن يعطينا أنصار الله الضوء الأخضر لكي يمضي زملاءنا في مكتب الاممالمتحدة لخدمة المشاريع  (UNOPS)قدماً.

 

السيدة الرئيسة،

في وقت دخل فيه النِّزاع في اليمن وضعاً مُطوَّلاً، أصبح ترسيخ الاستقرار أكثر إلحاحاً من ذي قبل، خاصَّة في المحافظات الجنوبية. فقبل سنة، وقَّعت الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق الرياض تحت رعاية المملكة العربية السعودية. وجددَّ ذلك الأمل لدينا بتحقيق قدر أكبر من الاستقرار في المحافظات الجنوبية وتحسين كفاءة عمل مؤسسات الدولة والتمهيد لتعاون سياسي حقيقي بين طرفي الاتفاق. ونحن الآن في أمسّ الحاجة إلى إنجاح الاتفاق من أجل اليمنيين ومن أجل الجنوب ومن  أجل عملية السلام التي اوليتموني اياها وأدعو الطرفين إلى تسريع تنفيذه. ولا بدّ من الاشارة السيدة الرئيسة، انه في الاسابيع الاخيرة في الرياض، نشهد تزايدا في التركيز من قبل المملكة والطرفين على حلّ الاختلافات وتوضيح ما يجب الاتفاق عليه من اجل المضي قدماً وشعرت بالاطمئنان منذ حوالى الساعة او اكثر من خلال اتصال مع الرياض يقولون انهم يعتبرون انهم سيتمكنون قريباً من الاعلان عن تقدّم ملموس وآمل ذلك فعلاً .  

 

السيدة الرئيسة،

لقد جاءت الذكرى العشرون لقرار مجلس الأمن رقم 1325 لتركز الاهتمام عن صواب على مشاركة النساء في العالم وكذلك في اليمن. وما زلت أستلهم الكثير من شجاعتة النساء في اليمن وتصميمهن على إنهاء الحرب وبناء السلام فيكنّ بالفعل بطلات السلام في اليمن.

وإحياء لهذه المناسبة، يسرّني أن أقول أنّ هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومكتبي نظَّما اجتماعاً ضمّ ثلاثين من القيادات النسوية اليمنية يمثلن   شبكات مختلفة من كافة أنحاء البلد، بحضور شركاء دوليين وممثلين دبلوماسيين. وفي ذلك الاجتماع، ركَّزت النساء اليمنيات على أهمية استئناف المفاوضات وإنهاء الحرب وتعزيز مشاركة المرأة في السياسة وتمثيلها، وهو امر لم ينجح حتى الآن، وحمايتها من العنف السياسي والعنف القائم على النَّوع الاجتماعي. وكما قلنا في ذلك الاجتماع، تلك ليست مجرد أفكار جيدة للمرأة اليمنية، السيدة الرئيسة، بل هي أفكار جيدة لجميع اليمنيين دون استثناء ولنا جميعا. ولضمان وضع هذه الأفكار في محور المفاوضات التي نأمل أن تجري قريباً ، لا بد من أن نرى التمثيل النسائي في وفود الطرفين.واعتقد، كما ناقشنا بشكل مسهب في ذاك الاجتماع اننا جميعاً نستطيع، كلُّ حسب دوره، المساعدة في إنجاح ذلك السعي وتشجيع الاطراف على أن يضموا النساء الى وفودهم بنسبة لا تقلّ عن 30%.

 

إذاً  السيدة الرئيسة، كما قلت في بداية احاطتي لقد وصل اليمن الى نقطة لا بدّ فيها من اتخاذ القرار وذلك ليس للمرة الأولى وحتماً ليس للمرة الأخيرة. فمأساة شعب اليمن كما سنسمع من مارك وديفيد لا تتطلب أقل من رهان حازم على السلام وإنهاء الحرب وفتح البلاد واستئناف السعي نحو حلّ سياسي شامل.  الأمر بهذه البساطة، السيدة الرئيسة، وعلى هذا القدر من الأهمية.

 

شكراً لك، السيدة الرئيسة.