المبعوث الأممي الى اليمن، مارتن غريفيث يعقد لقاءً صحافياً في جنيف
مساء الخير. شكراً لكم جميعاً لحضوركم في هذا اليوم الجميل، وشكراً لاهتمامكم بالوضع في اليمن.
إنني أعلم أنَّكم جميعاً تتابعون هنا منذ مدة عن كثب القضايا الإنسانية في اليمن، بل ربما تعرفون عن الوضع أكثر مما أعرف. وتعرفون أيضاً عن المعاناة الكبيرة التي يرزح تحتها آلاف اليمنيين في ظل النِّزاع المستمر.
أود أن أشير إلى بعض مقوِّمات عملية السلام وما ينطوي عليه من قضايا لها أثر في تصعيب تلك العملية.
وبهذا الخصوص، هناك ثلاث نقاط أرى أنه لا بد من أن تحتل مساحة في أذهاننا. ألخصها بالآتي:
أولاً، مع أنَّ تنفيذ اتفاقية إستكهولم الذي أُبرِمَ في 13 كانون الأول/ديسمبر من عام 2018 يستغرق وقتاً طويلاً نوعاً ما، لكن المثير للاهتمام هو أن الجانبين مستمران في الإصرار على المطالبة بالحل سياسي. الحل العسكري غير وارد. وما زال الطرفان ملتزمين باتفاقية إستكهولم بكافة جوانبه المختلفة ، وهذه نقطة مهمة، ينظران إليها على أنَّها كمدخل للحل السياسي. ومن هنا، أعتقد أننا نشهد التزاماً ملحوظاً وغير متوقع من كلا الطرفين نحو تحقيق ما اتفقا عليه في إستكهولم رغم كل المصاعب.
النقطة الثانية تتعلق خاصَّة بوضع الحديدة التي تمثل، دون شك، محور اتفاقية السويد. ورغم الإحباطات الكثيرة التي مررنا بها وواجهناها في هذا الجانب، أعتقد أنَّ الأسبوع الماضي جاء بنتائج مبهرة رغم الصعوبات الكثيرة، إذ جمع زميلي الجنرال مايكل لوليسغارد، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، الطرفين في اجتماع على سفينة الأمم المتحدة "أرتيك دريم" في أعالي البحر الأحمر. وامتد الاجتماع على مدار يومين أو ثلاثة، ولا شك في أنَّ لقاء الطرفين على متن سفينة في عرض البحر الأحمر فيه إشارة إلى الصعوبات اللوجستية والأمنية التي تعيق لقاء الطرفين. ومع ذلك، حضر الطرفان الاجتماع وجلسا هناك وناقشا بعض القضايا الحساسة والحرجة وأنجزا تقدماً أكبر مما كنت أتوقع. وهناك، توصلا إلى اتفاقات محددة على الخطط العملية بشأن جميع عملية إعادة الانتشار التي سبق أن اتفقوا عليها في السويد قبل بضعة أشهر. وهناك قضيتان أو ثلاثة لم يتوصلا لاتفاق حولها بعد، وما زال عليَّ أن أسعى لحلها مع الطرفين. القضية الأولى هي طريقة التعامل مع قوات الأمن المحلية، تلك المسألة التي ما زالت شائكة منذ زمن، أما المسألة الثانية فترتبط بكيفية التعامل مع عائدات الميناء، بينما ترتبط القضية الثالثة بالقضية الأولى وهي الحوكمة والإدارة. ومنذ ذلك الاجتماع لغاية أمس، وزملائي يقابلون الطرفين لطرح المقترحات. ولا نعتقد أنَّ مسألة العائدات من النوع الذي يصعب حله، خلافاً لمسألة قوات الأمن المحلية التي نعتقد أنَّها قد تؤدي إلى ظهور التوترات الأكبر بشأنها.
النقطة الثالثة ترتبط، بالطبع، بقرار التحالف بإعادة نشر القوات من اليمن. وأعتقد، كما ذكرت الأسبوع الماضي في مجلس الأمن، أنَّ ذلك من شأنه تعزيز مبدأ "السلام أولاً" كما ذكره أحد كبار المسؤولين الذين تحدثوا عنه. وعلى حد ما أذكر، هناك مقالة مطولة كتبها الدكتور أنور قرقاش من الإمارات العربية المتحدة، نُشِرَت على ما أعتقد في الواشنطن بوست، تحدد الأثر الذي يتصوره من تلك الخطوة. وقد يكون الأثر عظيماً في أهميته الإستراتيجية. فالسبب الذي أدى إلى عملية إعادة الإنتشار تلك، ولم يكن ذلك غريباً لنا، كان الرغبة في قوة دفع بإتجاه السلام، وكان ذلك مقصوداً من أحد شريكي دول التحالف. وعلينا أن نستفيد من ذلك، ويسعدني أن أتحدث عن هذا الموضوع بمزيد من التفاصيل. إذاً، هناك عدد من المسائل التي تواجهنا في عملية السلام. وكما الحال مع أي شي آخر، وتعلمون ذلك أكثر مما أعلم، بل استخدمت المصطلح علناً من قبل إذ قلت وأقول إنَّ الحرب قد تطرح بالسلام من طاولة المفاوضات في أي وقت، وتلك حقيقة تنطبق على اليمن كما تنطبق في أي مكان آخر.
وسوف أتحدث عن ثلاث نقاط قبل أن أنهي حديثي هذا.
نحن الآن في السنة الخامسة منذ بدء الحرب في اليمن، تلك الحرب التي بدأت تعقيداتها تتزايد وتتجزأ. فهناك عدة حروب في اليمن، وإطالة أمدها لن يكون من شأنه أن يطيل من مدة معاناة الناس وموتهم من الجوع والنَّزاع فحسب، بل سيصبح من الصعب إيجاد حل. تجزئة اليمن يُنذر بالخطر ، وهو نمط يُنذر بالخطر ، إذ يرتبط أساساً بالوضع الإنساني في البلاد، وذلك واحد من الأسباب التي دعتني على الدوام إلى الإلحاح على الإسراع في إيجاد حل سياسي.
ثانياً، هناك أفعال مستمرة، كما درجت العادة عليها في الحروب، قد تكون عًرضة للتفجير بسبب أشياء لا يستهان بها في الحرب. ومثال ذلك الأفعال السياسية مثل أحكام الإعدام التي ورد خبرها إلينا من صنعاء مؤخراً قبل أسبوع أو عشرة أيام وهي أفعال أدينها الآن مجدداً كما سبق أن أدنتها في مجلس الأمن الأسبوع الماضي. وهناك أيضاً الهجمات على البنية التحتية المدنية في السعودية المقلقة للغاية، وهنا أتحدث عن النقطة الثالثة وهي بالطبع احتمالية جر اليمن إلى صراع إقليمي، ما دفعنا مؤخراً إلى تكريس جُلِّ جهودنا في منع حدوث ذلك.
فاليمن يواجه مشكلاته الخاصة به، وليس من الصعب تصور تبعات أي احتمالية تدفع باليمن إلى صراع إقليمي محتمل أو تجعل منه طرفاً في ذلك الصراع. ولذلك، تتمثل بعض الأمور التي تستحق أن نبذل الوقت في التعامل معها في السعي لمعرفة ما يمكن فعله لإيقاف ذلك المنحنى بتطبيق مختلف التدابير اللازمة للتهدئة وخفض التصعيد. أكتفي الآن بذكر تلك الأمور الثلاثة التي قصدت منها توضيح المصاعب التي تواجهنا.
إنني على يقين من أنَّ هذه الحرب في اليمن قابلة للحل على نحو وشيك. وأعتقد أنَّ التوافق الدبلوماسي سواء أكان في المجلس أم التوافق الدبلوماسي المتزايد في المنطقة نحو انتهاج الحل السياسي يسير لمصلحتنا. وأعتقد أنَّ الحل للحرب في اليمن بات معروفاً لنا جميعاً وقد حظي بنقاش مستفيض في المحادثات السابقة التي أجريت بين الطرفين. وكل ما علينا فعله الآن أن نكون قادرين على استغلال الفرصة، أقصد بنحن الأطراف، وعقد تلك المفاوضات. وذلك السبب الذي يجعل اتفاقية إستكهولم محوراً أساسياً. وعلينا تنفيذها إذا أردنا أن نخرج من الباب متوجهين إلى عملية السلام.
شكراً جزيلاً لكم.