مقتطفات من مقابلة مارتن غريفيث مع ميليسا فليمينغ
ميليسا فليمينغ:
من الأمم المتحدة، أنا ميليسا فليمنغ وهذه حلقة جديدة من ) Awake At Nightمُستيقظ طوال الليل). ضيفي هذا الأسبوع هو مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن البلد الذي دمرته الحرب الأهلية والذي يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم مع المجاعة و الرعاية الطبية المحدودة والآن جائحة فيروس كورونا. مارتن، هذه ليست مهمة سهلة. حدثني عنها. من هو المبعوث الخاص إلى اليمن ؟ ماذا من المفترض ان تفعل؟
مارتن غريفيث:
ببساطة شديدة، إن المهمة هي التأكد من أن أطراف تلك الحرب وأطراف ذلك النزاع لديهم فرصة لتسوية خلافاتهم من خلال الحوار و التفاوض. لذلك، أرى نفسي وسيطاً تم جلبه للتوسّط نيابة عن الأمم المتحدة، بالطبع، نيابة عن مجلس الأمن. ومهمة الوسيط، كما أعتقد، مهمة معقدة، لأن النزاع الدائر هناك ليست نزاعي. انا لست من اليمن. إنه نزاعنا، لأن له عواقب وخيمة، ليس فقط بالنسبة إلى شعب اليمن وإنّما على نطاق أوسع. لكن وظيفة الوسيط، على ما أعتقد هي بث الأمل بين الناس و نشر فكرة إنه يمكن أن يكون هناك حل لهذا النزاع، والخروج بأفكار حول كيفية حلّ خلافاتهم الحتمية وإعطاء نوع من الرؤية لشعب اليمن بأنّ هذا الوضع لن يستمر إلى أجل غير مسمى، لأنه، كما تعلمين، تبدو الحرب و كأن لا نهاية لها لأولئك الذين يعيشون فيها حيث إن أطفالهم لا يذهبون إلى المدرسة و هم مشردون ومضطربون. فيبدو لهم أن لا نهاية محتملة لها. وأعتقد أن ما نقوم به في الأمم المتحدة، وفي المهمة المناطة بي، هو محاولة إعطاء الناس فكرة ان هناك طريقة أخرى، هناك طريق للخروج من هذه الحرب، وأن قادتهم يجب ان يسلكوا هذا الطريق.
ميليسا فليمينغ:
وإن أردت التوجّه إلى الشعب اليمني المنهك من هذه الحرب المروعة، الشعب الذي يواجه تحديات متعددة، بما في ذلك الجوع، والآن فيروس كورونا، فماذا ستقول لهم في هذا الوقت؟
مارتن غريفيث:
أقول لهم إن الوقت قد حان لإيقاف هذه الحرب .حان الوقت لوقف هذا الوضع الآن. حان الوقت لهم ولنا وللمجتمع الدولي لتكثيف الجهود والقول لقادتهم، كلا الطرفين، توقفوا عن ذلك الآن، توقفوا عن هذا، لا داعي للاستمرار. والشيء الثاني الذي أعتقد أننا سنقوله هو، أنه لا يمكن أن نتحمل استمرار الحرب. الوضع الإنساني في اليمن يزداد سوءًا، مع وجود مجاعة تلوح في الأفق، والتي بسبب فيروس كورونا، لم نتمكن من تمويل برنامج حماية الناس. سوف يزداد الأمر سوءًا ما لم يقرر القادة القيام بالشيء الصحيح على وجه السرعة. هذا ما أود قوله. لذلك، تكاتفوا و انصروا اليمن.
ميليسا فليمينغ:
ما هي العوامل التي أدت إلى هذه المجاعة؟ ما الذي تفكر به عندما ترى شيئًا بهذه الدراماتيكية يلوح في الأفق لشعب اليمن؟
مارتن غريفيث:
أولا، أعتقد أنه يمكننا تجنّب هذه المجاعة. هذه ليست المرة الأولى التي نواجه فيها هذا في اليمن. كنا نواجهها خلال العامين الماضيين وبسبب المساعدات الإنسانية الفعّالة للغاية، فقد توقفت. هذه المرة، الآفاق أكثر قتامة. نحن بحاجة لوقف إطلاق النار. نحن بحاجة إلى فتح البلاد أمام المساعدات الإنسانية والأدوية وإعادة بناء الخدمات الصحية على الفور.
ميليسا فليمينغ:
بالتأكيد. ولا بد أنّ هذا شيئ يدفعك أيضًا في جهود الوساطة التي تقوم بها، مع العلم أنّ نجاحك، يحدّد إمكانية وصول المساعدات الإنسانية أن تدخل و إمكانية وصول عمال الإغاثة إلى الأشخاص الذين يعانون ويموتون.
مارتن غريفيث:
إنه دافع حقيقي، كما تعلمين، لدينا الكثير من الرسائل التذكيرية بأنّنا بحاجة إلى القيام بعملنا وعلينا تحقيق ذلك. وكان هناك مثال حي في اليمن حول ما قلته بالضبط قبل عامين، عندما كان هناك احتمال لمعركة في مدينة وموانئ الحديدة على البحر الأحمر. وهذه الموانئ هي نقطة الدخول المباشرة لأكبر برنامج مساعدات إنسانية في العالم. البرنامج الذي يبقي الناس في اليمن على قيد الحياة . لقد كان الاحتمال في ذلك الوقت هو حدوث المعركة، والتي سيكون لها عواقب وخيمة على الناس في المدينة. و أيضًا تدمير الممر الانساني. لذلك عملنا جميعًا بجد لإيقافها وتم إيقافها. وقد تم إيقافها من خلال مجموعة مختلفة من الظروف والتحالفات. في المقدمة، كان المجتمع الإنساني على المستوى الدولي يطالب بقوة بأنّ هذا لا ينبغي أن يحدث. و كانت الدبلوماسية تقوم بدورها حيث سمحت لنا حينها بالعمل مع الطرفين للدعوة إلى وقف إطلاق النار ووقف المعركة، وقد نجحت. لكن هذا قبل عامين. يمكننا أن نراها تندثر كما يمكننا أن نراها تعود. لذلك فهو تذكير لنا لماذا علينا ألا نضيع يومًا واحدًا.
ميليسا فليمينغ:
هل أجــرؤ أن أسـأالك ما الذي يجعلك مُستيقظاً طوال الليل؟
مارتن غريفيث:
غالبًا ما يتم اتهامي، في الواقع - و أعتقد بشكل غير عادل، بأنني مفرط في التفاؤل. يجب أن يكون لديك أمل. ما وجدته في الوساطة هو، وقد قمت بذلك لمدة 20 عامًا أو أكثر، أن 90٪ من جهودك قد تفشل وليس عليك ن تستثمر اموالك فيها. 90٪ من مبادراتك قد لا تسير بالشكل الذي تريده. و هذا يعني، أولا وقبل كل شيء، يجب ان يكون لديك دائمًا خطة احتياطية و أّلا تدخل في طريق مسدود وابحث دائمًا عن حل و مخرج حتى تتمكن من المضي قدمًا في طريقة أخرى للتعامل مع الأشياء. ثانياً، لا تعبّر عن رأيك عندما تسوء الأمور، وظيفتي هي الاستمرار في التحرّك والمحاولة. لذا فإن 90٪ من الأشياء التي تسوء هي أمر حقيقي، إنها سبب حقيقي للاستيقاظ في الليل. نعم. ولكن بعد ذلك ستكون محظوظًا لأن لديك فرصة للقيام بشيء ما حيال الحرب.
ميليسا فليمينغ:
أنت تتحدث كثيرًا عن التعاطف كعنصر مهم في الوساطة. ما هي أهمية التعاطف في عملك؟
مارتن غريفيث:
أعتقد أنّ التعاطف مركزي في الوساطة، على وجه الخصوص بالطبع، إنه مهم جدًا في العديد من الأنشطة الأخرى في منظومة الأمم المتحدة في العالم. لكن في الوساطة، إنه محوري بشكل خاص، على ما أعتقد، لأن ما يجب على الوسيط فعله هو وضع نفسه في أذهان القادة في الحرب ومحاولة معرفة سبب قيامهم ببعض الأشياء. وربما الأهم من ذلك، محاولة تخيل كيف يمكنهم فعل شيء بطريقة مختلفة وكيف يمكنهم فعل الشيء الصحيح على الأقل. التعاطف هو الطريقة الوحيدة لمنحك نصف فرصة لتحقيق هذا المسعى الخيالي. ولأن الأشخاص الذين يقودون الحروب ليسوا مثلي ومثلك، حسب تجربتي، فهم مختلفون عنا. لقد عملت مع الكثير من الجماعات المتمرّدة في أجزاء مختلفة من العالم، لسنوات عديدة. الأشخاص الذين يديرون جماعات متمرّدة يتخذون قرارًا في حياتهم ليس مثل قراري أو قرارات غيري. إنهم مختلفون ومحاولة معرفة من أين أتوا ومحاولة معرفة ما قد يروق لهم هو ما أعتقد أن على الوسيط أن يفعله. لذلك إذا لم تكن مهتمًا بالتعاطف، ابق في المنزل.
ميليسا فليمينغ:
أعتقد أننا جميعًا نربط التعاطف بشيء إيجابي. على سبيل المثال، عندما تتعاطف مع شخص ما، فإنك تحاول الدخول في مشاعره، لكنك تحاول الدخول إلى رأس أحد أمراء الحرب في كثير من الأحيان، أو شخص يرتكب بعض أسوأ جرائم الحرب. إذن في هذه الحالة، كيف تصف هذا المصطلح؟ أعني، يجب أن يكون من الصعب عليك أن تشعر بالتعاطف بالمعنى الكلاسيكي للكلمة.
مارتن غريفيث:
أعلم ما تقصدينه، أعتقد أنني لست تمامًا مثل بعض الأشخاص الذين نعمل معهم فيما يتعلق بأمراء الحرب. لقد أتيحت لي ذات مرة فرصة التوسط بين الحكومة الإسبانية و جماعة ETAالإرهابية في إقليم الباسك. في تلك التجربة، أتيحت لي الفرصة لقضاء الكثير من الوقت مع أشخاص، كانوا إرهابيين، مدرجين في قائمة الإرهابيين لسنوات عديدة. لقد حاولت ان افهمهم و ان اعرف أين و كيف نتشابه معهم على الرغم من أنهم مسؤولون عن جرائم مروعة. ما وجدته مرارًا وتكرارًا هو أننا نتشارك في الحالة الإنسانية الأساسية والأشياء الإنسانية الأساسية مثل الأطفال والأبوة والتطلعات إلى حياة أفضل والأشياء العالمية التي لا علاقة لها بثقافة الفرد. ان هذا موجود في نوع الأشخاص الذين نتحدث عنهم إلى ان نصل الى أمراء الحرب. أتذكر أنني أمضيت الكثير من الوقت مع أحد مؤسسي تلك الجماعة الذي كان إرهابيًا لمدة 25 عامًا و لقد حاولت أن أعرف منه ما يعنيه ذلك لحياته اليومية ان لا يرى عائلته طوال هذه المدة لأنه لو قام بزيارة عائلته ستلقي الشرطة القبض عليه، بالاضافة الى امور أخرى لا نتخيلها. قال لي، لماذا تمنعني من سرقة البنوك؟ إنها الطريقة الوحيدة للحصول على المال؟ فقلت له، حسنًا، كما تعلم، نحن نحاول إيقاف هذا الشيء. لذلك، إن فكرة أن تضعي نفسك في ذهن شخص من هذا القبيل،أعني، إنه كابوس. إنه ليس التعاطف، كما كنت تصفينه. إنه عمل خيالي. يمكننا بناء الجسر، لأننا جميعًا لدينا العديد من الأشياء المشتركة.
ميليسا فليمينغ:
جميعنا بشر وبعض الناس يتجهون في الاتجاه الخاطئ. وهدفك، كما أفهمه، من استخدام التعاطف هو الإقناع ومحاولة إقناع قادة الحرب ليصبحوا قادة للسلام. ماذا الذي ستقدمه لأحدهم؟
مارتن غريفيث:
أود أن أقول إن بؤس شعوب منطقتك استمر لمدة 35 عاما. ما الذي تسعى لتحقيقه؟ ما الذي تريد تحقيقه؟ أجابوا، نريد لأهالي منطقة الباسك الحق في تقرير مصيرهم. وبعد ذلك بالطبع، أنت تعمل من أجل ذلك. نرى هذا الامر نفسه في اليمن، ونراه في نزاعات أخرى. تحاول أن تجد طريقة لتلبية تطلعات هذا القائد، لكنك تراها تتحقق أو ربما تتغير بحسب الظروف، عندما يفكر في بؤس الناس الذين يعانون بسبب أفعاله. نادرًا ما أجد أن الناس يفتقرون إلى الشعور بالمأساة التي يرونها من حولهم. لذا فإن مأساة الحرب، كما قلت سابقًا، هي حافز وهي حافز قيّم وأساسي لدفع الناس على فعل الشيء الصحيح، لجعل الناس يفعلون الشيء الصعب وهو الابتعاد عن الحرب. ويتطلب الأمر شيئًا معينًا، وهو أمر صعب للغاية، على ما أعتقد، شعورًا معينًا بالقدرة على القول للناس، الذين ماتوا في ذلك النزاع، في تلك الحرب، أنهم لم يموتوا من أجل لا شيء، وهو أمر ليس سهلاً في بعض الأحيان . لكن بتقديم سرد يسمح لقادتهم بالقول، يمكننا متابعة أهدافنا دون قتال. هذا ما علينا تقديمه.
ميليسا فليمينغ:
لقد قلت إنك وسيط ولست مفاوضًا، وأنّ الطرفين بحاجة إلى التفاوض مع بعضهما البعض بدلاً منك. دعنا نعود إلى اليمن، هل الأطراف تفعل ذلك؟ وهل ترى أي أمل؟
مارتن غريفيث:
المشكلة التي نواجهها الآن هي أنه بسبب الإغلاق وبسبب الفيروس، أصبح التفاوض يتمّ عن بعد. و نحن نفتقد الكيمياء البشرية الأساسية، ذلك التعاطف الذي نتحدث عنه، لخلق الاتصال بين الأطراف. والنتيجة هي أننا أصبحنا المفاوض، لأننا نتفاوض مع كل طرف، نعيد الحل من طرف ونضعه أمام الآخر. يقول لنا ذاك الطرف، حسنًا، أنا لا أحب ما قدمته لي. وأنا أقول، حسنًا، لست أنا، إنه الطرف الآخر، يجب على الأطراف أن تدرك أنني لست المشكلة. يجب أن تدرك الأطراف أن عليهم التحدث مع بعضهم البعض. كان لدينا مثال حديث على هذا، والذي أعتقد أنه كان مؤثرًا للغاية. قبل بضعة أسابيع، نجحنا رغم فيروس كورونا، و رغم كل ذلك، في جمع الطرفين معًا في سويسرا، للتفاوض بشأن إطلاق سراح السجناء. هناك الكثير والكثير من السجناء في أي نزاع، اليمن لا يختلف كما تعلمين. وفي هذه الحالة، بعد حوالي أسبوع من المفاوضات القاسية والغاضبة في كثير من الأحيان على الطاولة بين هذين الطرفين، جسديًا عبر الطاولة من بعضهما البعض، اتفقا على إطلاق سراح حوالي 1050 شخصًا. لقد أخبرنا شركاؤنا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هذا هو أكبر إطلاق سراح للأسرى في تجربة اللجنة الدولية أثناء الحرب منذ الحرب الكورية. إنه إنجاز هائل وإنجاز كبير وسط نزاع غاضب. وأحد أسباب حدوث ذلك، على ما أعتقد، هو أنهم جلسوا وتحدثوا مع بعضهم البعض. أعتقد اعتقادًا راسخًا - و هذا ليس تفاؤلًا مفرطاً - أعتقد اعتقادًا راسخًا أنه إذا تمكّنا من جعلهم يجلسون مقابل بعضهم البعض، في الأسابيع المقبلة، فسوف يوافقون على وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وعلى فتح البلاد وسوف يوافقون على أننا يمكننا أن نسلك الطريق إلى السلام. لذا فإن الاحتمال حقيقي. يجب أن يفهموا أنه يجب عليهم الجلوس وجهاً لوجه. هذه هي المهمة التي بين يدي الآن.
ميليسا فليمينغ:
عندما تتوسّط من أجل السلام في اليمن، هل تفكر في الناس؟ هل تفكر في أي أفراد في ذهنك، تفكر فيهم، أو أي قصص تبقيك مفعماً بالطاقة و العمل؟
مارتن غريفيث:
كما تعلمين، أعتقد أنّ العاملين في المجال الإنساني ... هم أكثر حظًا من بقيتنا، بمعنى أنهم يتعاملون بشكل مباشر ووثيق وشخصي مع البؤس اليومي الذي يعالجونه، فهم يفعلون شيئًا حيال ذلك. عندما شاركت في البرامج الإنسانية في الميدان، وبعد ذلك بعيدًا، حاولت دائمًا التأكد من أن لدي الفرصة للذهاب إلى بعض أسوأ الأماكن لكي ابقى متذكراً ما أفعله. بالنسبة للوسيط، فإن الأمر ليس مباشرًا جدًا، وليس لديك هذا التواصل المباشر، كما تفعل بشكل يومي عندما تكون عاملًا في المجال الإنساني. لقد كان هناك مثال حديث، والذي كان بالنسبة لي مثالا جيدا. كانت مقابلة صحفية و مقطع عن مدرسة في اليمن في تعز و هي إحدى أكبر المدن في وسط البلاد . مدرسة محاطة بحقول الألغام وتعز منطقة حرب منذ أربع سنوات. في هذه المدرسة، ذهب صحافي لمقابلة المعلمين، والمعلمة التي تدير المدرسة وأولياء الطلبة وبالطبع الأطفال. لقد شاهدت هذا، ان هؤلاء الأطفال وهؤلاء الآباء وهؤلاء المعلمين يذهبون يوميًا إلى المدرسة حيث لا يوجد هناك مواد و لا مال لدفع رواتب المعلمين ولا جدران في هذا المبنى المدمّر، و قد تمّ شق طريق، كما فهمت، عبر حقول الألغام لوصول وخروج الأطفال بشكل يومي. من المدهش التفكير في تصميم الناس على مواصلة الحياة. وبالطبع، هذا يجلب الدموع لعينيك. لأنه ، إذا كان لديك امتياز أن تكون من الأهل- فهذا معبر ، لذلك كان ذلك بمثابة تذكير للسبب الذي يستحق أن أبقى مستيقظًا في الليل.
ميليسا فليمينغ:
عندما تفكر في ذلك وتدرك أنك تتوسط وتلعب دورًا حاسمًا للغاية في حالة الحرب والسلام والمستقبل الذي يمكن أن يكون استمرارًا للحرب أو مستقبل السلام. أعني، ان هذا نوع من المسؤولية الجسيمة التي تقع على عاتقك.
مارتن غريفيث:
تكمن الصعوبة في فهم ذلك بشكل صحيح، فمن ناحية لا ترى نفسك على أنك المنقذ العظيم، ليس الأمر كذلك، أنت تبذل قصارى جهدك كل يوم، كل ما عليك فعله كل يوم هو الأفضل. وهذه هي وظيفتك. وإذا لم تفعل ذلك، فأنت بالطبع عرضة للنقد. لكن هذا كل ما هو مطلوب منك. هذا شيء سهل القول. لأنه، كما قلت، الحرب مستمرة والناس في بؤس. و أعتقد أن ما يجعلني بشكل غريب بما فيه الكفاية أكثر غضبًا من أي شيء آخر، هو الطريقة التي يأخذ بها الأشخاص المتورطون في النزاعات الوقت حسبما يوافقهم لحلّها. الأيام تمر. و في كل يوم هنالك شخص يفقد فيه حياته أو مصدر رزقه. وهكذا، كما تقولين لهم، لا يوجد وقت لإضاعته . يعرف العاملون في المجال الإنساني ذلك بشكل مباشر. لكن بالنسبة لي، إن إهدار الوقت وتأجيل القرارات هو بطريقة ما أكثر رعبا وصعوبة للفهم.
ميليسا فليمينغ:
هل كنت دائما شخصاً صبوراً؟
مارتن غريفيث:
ان نصيحه الامين العام كما تعلمين دائما هي الصبر ثم الصبر ثم الصبر ثم الصبر ثم الصبر. لا، أنا شخص غير صبور للغاية. أعتقد أنه من المفيد جدًا في هذا العمل، أن نقلق كثيرًا حول ما إذا كنا نقوم بمهمتنا بشكل صحيح. وبالتالي ان تكون عديم الصبر. أنت تحاول جاهدًا أن تتحلى بالصبر، انه من الضروري بالطبع، لكنك ستبقى كما انت.
ميليسا فليمينغ:
لدينا الكثير من المستمعين الشباب لهذا البودكاست، ماذا تنصحهم إذا أرادوا سلوك هذا النوع من المسار الوظيفي؟
مارتن غريفيث:
أود أن أحثهم بشدة على القيام بذلك لعدد من الأسباب المختلفة. أولا، أعتقد أنه في السنوات العشرين الماضية، أصبحت الوساطة نشاطًا مدروسًا بدرجة أكبر، كما تعلمون، لم تصبح مهنة، لأنني أعتقد أن هذا بالأحرى يقلل من أهميتها. لكنها أصبحت مفهومة بشكل أفضل ومعترف بها أكثر على أنها حرفة مهمة بمبادئ وقيم معينة. وبالتالي، ونتيجة لذلك، أصبحت أكثر إنصافًا، وهو أمر بالغ الأهمية، ولكن من المرجح أيضًا أن يكون له تأثير. لذلك، أود أن أقول للناس بطريقة لم أكن لأقولها قبل 20 عامًا، من فضلكم افعلوا ذلك، من فضلكم، لأننا نحتاج إليكم. نحتاج إلى أشخاص موهوبين بما يكفي لتقديم حياتهم لهذا، لإعطاء وقتهم لهذا، و أيضًا لتقديم التزامهم ... كيف لا يمكنك أن تعيش حياة سعيدة، إن كانت وظيفتك هي وقف الحرب؟